محنض باب بن أعبيد.. شيخ العلماء وإمام المعقول والمنقول في الغرب الشنقيطي

يحتل الإمام محنض باب بن اعبيد الديماني واسطة عقد الرعيل الأول من علماء المحظرة الشنقيطية والجيل التأسيسي لمعارفها وتقاليدها العلمية وآدابها التدريسية، وجلالها الأكاديمي وقيادتها المجتمعية.

ولم يكن هذا الشيخ الديماني إلا نموذجا لحالة الثراء المعرفي التي أعقبت حرب شرببه، فتدفقت أودية العلم ومعارف الشريعة في أنحاء البلاد، وخصوصا في منطقة الجنوب التي ينتمي الشيخ محنض باب إلى إحدى أروماتها العلمية الخالدة التي أسهمت في التأسيس المعرفي في هذه البلاد، وحافظت على تراثها العلمي قرونا وأجيالا متعاقبة." فسالت أودية بقدرها"

 

محنض باب ..الفتى العصامي والمؤلف الألمعي

 

هو الشيخ محنض باب  بن أعبيد بن أحمد بن المختار بوي بن يعقوب بن بارك الله بن يعقوبنلل بن ديمان، ويمتد نسبه وفق المتداول عند فصيلته إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

ولد لأبوين من محتد كريم فوالده أعبيد بن أحمد كان سيدا من سادات قومه وأحد رجال الحل والعقد في مجتمعه، وأمه تانيت بنت المختار بن الطالب أجود عالمة صالحة عرفت بسداد الرأي ونفاذ البصيرة وصفاء الذهن والحكمة.

وبين ذين الأبوين الصالحين ولد في ذي الحجة آخر سنة 1185 هجرية، وعلى ذلك أجمع كل من كتب تاريخ محنض باب أو ترجم له مثل تلميذه ميلود بن المختار خي، الذي ألف كتابه عيون الإصابة في مناقب الشيخ محنض باب، وغيره من المؤلفين مثل أحمد بن الأمين الشنقيطي، وكذا سيد أحمد بن اسمه في كتابه " ذات ألواح ودسر".

ولم تطل إقامة محنض باب بين والديه، فقد رحل والده سريعا وترك طفلا نضيرا، آية في الذكاء بين أحضان أم عابدة زاهدة حريصة على تربية ابنها وتنشئته كما ينبغي أن يكون عليه مثله من  ناشئة عترة الزوايا.

عصامية وذكاء وهمة عالية

عرف الشيخ محنض باب ولد اعبيد بالهمة العالية والذكاء المفرط، ولذلك حفظ القرآن الكريم تقريبا دون شيخ محدد، بعد أن تعهد لوالدته بأنه سيحفظه، وظل القرآن هجيرى حياته ورفيق حله وسفره.

و حاصل هذا التعهد أن أمه همت بدفع جمل في سبيل تحفيظه لكتاب الله، فثناها عن ذلك، وأقنعها أن بمقدوره أن يحفظ  القرآن دون معلم .

وقد استفاد بعد ذلك معارف واسعة من جلة علماء عصره، منهم على سبيل المثال ألمين بن الماحي، الذي أخذ عنه النحو.

ويذهب بعض المؤرخين إلى أن الشيخ محنض باب استفاد بشكل خاص من مدرستين عظيمتي الأثر في محطيه، وهما مدرسة ألمين ولد الماحي بن الحسن اندوبك الديماني، ومدرسة عبد الله بن التاه التمكلاوي اللتين كانتا جامعتي معارف وقيم إسلامية عريقة.

ومع ذلك فقد كان لأخذه عن خاله حمدي بن المختار بن الطالب أجود الحاجي، دور عظيم في تكوين وتطوير وترسيخ ملكته الفقهية، وقد أعجب التلميذ بشيخه وخاله، وأعجب الخال بابن أخته وتلميذه، فاقترح عليه أن يوجه همته إلى شرح مختصر الشيخ خليل وحل مشكلاته، فكان ذلك محفزا له على تأليف كتابه "الميسر في شرح المختصر" والذي مكث قرابة أربعين سنة في تحريره وتحبيره، حتى خرج في أبهى حلله، ونافس أمهات الشروح، وأمهات المذهب، وصار بذلك "معلما" خالدا من معالم الفقه المالكي في الغرب الإفريقي

وقد سجل الشيخ محنض باب إعجابه بخاله في مواضع ومواقف متعددة منها قوله:

ومن يك ذا خال فيبأى بخاله

فإني بحمد الله خالي أحمد

ومن كان أمسى أعجبته جدوده

فإني بحمد الله جدي "أجود"

وقد عرف الشيخ محنض بالجد والمثابرة، فكان يدرس في النهار ويراجع دورسه ويكتب طرره وشواهده وتقييداته وشروحه في الليل، منتجا بذلك نصوصا علمية خالدة، من بينها شرحه على الخلاصة لابن مالك، وهو الشرح الذي دخل بعمق في المناهج المحظرية الشنقيطية وخصوصا في محاظر الجنوب الموريتانية.

 

محظرة الشيخ محنض باب ..أم محاظر القطر

أقام الشيخ محنض باب قرابة 70 سنة يدرس الناس ويفصل الحكم في القضاء، ويقود المجتمع ويصلح ذات البين، سيدا مكينا وعالما جليلا، وقائدا مجتمعيا مرهوب الجناب محمي الحريم.

وقد ألحق الأحفاد بالأجداد في محظرته، فدرست عليه على الأقل ثلاثة أجيال خلال العقود السبعة التي مكثها يفيض على الناس سيب معارفه وسيب يمينه

وممن أخذ عن الشيخ محنض باب كل من:

-              العلامة المختار بن بيدح الديماني

-              العلامة المختار بن ألما اليدالي،  وهو أب لأجيال من العلماء وشيخ محاظر متعددة.

-              المختار بن أبي الجكني

-              أبو بكر بن محنض الديماني

-              الحارث بن محنض الشقروي: وهو عالم وقاض ومفت، تتلمذ عليه المئات وإلى محظرته تنتسب محاظر متعددة في الترارزة وفي مناطق الزنوج في الضفتين

-              العلامة الخرشي بن عبد الله بن الحاج المختار: وهو أيضا شيخ جليل درس عليه علماء وتوسعت محظرته في إنشيري وتيرس.

-              أحمدو بن زياد الديماني: عالم جليل ومؤلف وشيخ محاظر وعلماء متعددين.

-              اباه الشريف بن الشريف سيدي محمد الصعيدي: علامة جليل وشيخ محاظر وجد علماء

-              المختار بن حبلل الديماني

-              كاشف بن بيبيا التندغي: عالم ومؤلف ومفت، درست عليه أجيال متعددة من العلماء.

-              الحسن بن زين القناني: العالم الشهير والمؤلف صاحب الطرة على لامية الأفعال ومن محظرته تفرعت محاظر متعددة وأجيال علمية متعاقبة.

-              سيدي أحمد بن محم الأبيري: عالم وشيخ محاظر وعلماء متعددين.

-            العالم ميلود بن المختار خي الديماني، مؤلف عيون الإصابة في مناقب محنض بابه.

-              العالم والطبيب الشهير أوفى بن ببكر الألفغي

-              العلامة: محمذن بن الفاضل بن بدر الدين الحسني

-              الشيخ محمدن بن محمذن بن الألمين الجكني

-              العلامة أحمد بن آبله الحسني

-              العلامة أحمد محمود بن ألفغ خيري التندغي

-              الشيخ الجليل أمينو بن أحمد بن بن محمذن فال اليدمسي

-              الشيخ ابن حنبل بن البشير اليدمسي

-              العالم الجليل الحاج بن البشير بن عبد الحي البربوشي نسبا، الرقيبي خؤلة ووطنا.

-              العالم الجليل محمد بن يوسف بن عبد الحي البربوشي

-              الشيخ سيدي بن عبد الله بن محمذن فال الحاجي

-              العالم الجليل الشيخ المختار بن أحمد بن ازوين التنواجيوي

-              العالم الجليل الشيخ عبد الله بن البدوي المجلسي

-              العالم المفتي المؤلف الشيخ عبد الله بن مختارنا الحاجي

-             العلامة زين بن اجمد اليدالي

-             العالم المختار بن بابنا

-            العلامة ابن عبدم الديماني

-              الشيخ غلام بن همرن التندغي.

-              العلامة المفتي المختار بن داداه بن المختار بن الهيبة الأبيري

-              العالم الجليل مولود بن داداه الأبيري

-              الشيخ النظامة المفتي محمد مولود بن أغشممت المجلسي

-              العالم الجليل الشاعر المصطفى بن المازري التندغي

-              العالم الإمام الموسوعي: إمام بن سعيد اليدالي الذي اختاره محنض باب إماما للصلوات في مسجده.

 

مؤلفات محنض ..دائرة معارف متنوعة

 

ترك العلامة محنض باب ولد اعبيد مكتبة تآليف متنوعة، لم يخل منها في الغالب فن من الفنون المحظرية المتداولة، وأبانت عن علو كعبه في المعرفة، وعن سيلان قلمه ورشاقه أسلوبه، وبعد نظره، وقدرته النقدية

ومن مؤلفاته:

-              كتاب الميسر في شرح مختصر الشيخ خليل: وهو موسوعة علمية كبيرة استغرق تأليفها وتحريرها أربعين سنة (مطبوع)،  وقد اختصر منه  المؤلف كتابا  سماه" الميسر الصغير "  قائلا إنه قد يوجد في النهر مالا يوجد في البحر.

-              و "سلم الوصول إلى نيل علم الأصول: وقد شرحه عدة علماء من بينهم الشيخ محمد سالم بن المحبوبي (مطبوع) والشيخ محمد الحسن بن الددو.

-              طرة على ألفية ابن مالك

-              نظم في البلاغة

-              تسديد النظر، وهونظم في العقائد

-              نظم في محفوظات الجموع مع شرحه

-              طرة على الطيبية في المنطق

-              منية المتمني في نظم قواعد المغني في النحو، وقد زادها محنض بابه قاعدة لتصل بذلك عدة الشهور" اثنى عشر"،

-              ثلاث مجموعات فتاوي، كبرى وصغرى ووسطى، نظم بعضها العلامة زين بن اجمد اليدالي.

-              نظم في قواعد الفقه

-              نقلة في أحوال "أل" التعريفية

-              نقلة في المقولات العشر

-          تأليف أبنية الأفعال ومعانيها

-   نظم في اعراب الجمل وقد شرحه الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم.

-              نظم في وفيات الأعيان.

-  نوازل وفتاوى متعددة

 

آراء العلماء والمؤرخين

أجمعت كلمة المؤرخين والعلماء على سمو مكانة الشيخ محنض باب وفضله وتأثيره العالي على المحظرة والمجتمع الموريتاني، ومن ذلك قول المؤرخ العالم الجليل أحمد بن الأمين الشنقيطي مترجما للشيخ محنض باب (علامة شنقيط وعقدها الوسيط البدر المنير العلامة التحرير سيف الله القاطع، غيثه الهامع شمر عن ساعد الجد وأدرك العلوم بفهمه وكده، هو مدره عصره وعلم مصره أبرزه الله لأهل إقليمه : بدرا منيرا وللصادين عذبا نميرا، ما ضاعت أوقاته ولا خابت عفاته كان عند حسان حرما آمنا وحصنا حصينا ساكنا وإليه مرجع العلماء إذا اختلفوا، وما ظنك بمن كان يصلح لابن بونه الجكني وهو من هو..)

كما اعتبره الشيخ محمذن فال ولد متالي وحيد العصر وأجل العلماء حيث قال في تقريظه لكتاب الميسر:

 ليبلغ كل منطلق عجول

 دؤوب بالغداة وبالأصيل

إلى اقطار كل العصر عني

مغلغلة بذي صدع قؤول

حمدت الله ربي أن هداني

 لدين الحق منهاج الرسول

وقلدني جواهر خير حبر

حذامي القول عائشتي النقول

لآلئ بحر نادرة اللآلي

وهاديها المدير إلى السبيل

ثقيب الفهم قطب رحا المعاني

فرات القطر شافية الغليل

وباب خزائن المعقول طرا

ومفتاح الكنوز من الأصول

ومن لم يأت باب البيت يحرم

من الغرض المؤمل بالدخول

وقال فيه الشيخ محمدو بن حنبل الحسني:

رح واردا بتحيتي وسلامي    قاضي القضاة وسيد الأعلام

وهو الذي شهد الميسر أنه     حلي الزمان وغرة الأيام

وقد قال فيه الشيخ باب بن أحمد بيب العلوي:

علم ابن إعبيد علم ليس يشبه    علم فياحبذا ما الله موليه

من يرفع الله لاينفك مرتفعا         ومن يضعه فماشيء بمعليه

 

" وجاز أن يشهد الابن في محل          مع أبيه وبه جرى العمل"

فالعلامة اباه بن عبد الله يرى في حديثه عن الشيخ محنض باب أنه "لم يكن مجرد ناقل أمين، ولا راو ضابط فحسب، بل كان مع ذلك ناقدا صيرفيا لما ينقل أو يروي، وهو وإن كان حريصا على التأصيل والتوثيق في النقل، مؤثرا في بحثه للاتباع والخروج من العهدة، إلا أنه مع ذلك يضفي صبغة التجديد والاستنتاج على بحوثه المؤصلة. ومن درس الميسر والفتاوي يجد فيها الكثير الطيب، وأما إن كان البحث في غير مسائل الحلال والحرام فتجده أشد تحررا وابتكارا لما لم يسبق إليه"

كما وصفه المجلس الأعلى للإفتاء في موريتانيا بأنه " انتهت إليه الرئاسة في القضاء والفتوى واعتبره أغلب معاصريه كمحمذن فال بن متالي وغيره مجتهد ترجيح ، وإن قال ميلود بن المختار خي إنه جمع شروط مجتهد المذهب.

كان العلامة محنض باب يرى لنفسه وهو في البلاد السائبة ما للإمام الأعظم من تنفيذ الأحكام وأخذ الحق من الظُلاّم إن استطاع إلى ذلك سبيلا ، كما كان من دعاة نصب الإمام وإقامة  الخلافة في البلاد السائبة"

القاضي العادل ..والمصلح المربي

تولى الإمام محنض باب بن أعبيد القضاء للأمير العادل محمد الحبيب بن أعمر بن المختار، ويبدو أنهما اشتركا في مشروع لإعادة أو ترسيخ الأمن وسيطرة الدولة في الجزء الجنوبي من البلاد، حيث بسط محمد الحبيب الأمن والسلام في تخوم الترارزة وأجزاء من السنغال حاليا، كما كان الإمام محنض باب المرجع الروحي لذلك المشروع الإسلامي الهادئ الذي عمل عليه الرجلان.

وكان محنض باب مؤمنا بضرورة تطبيق الحدود، وردع أهل الزيغ والظلم،  وقد كانت أحكامه في الغالب محل تسليم من معاصريه نظرا لجودة المأخذ ودقة السبر والتقسيم، ومنهجيته التحريرية وسلامة العزو، وجلال الاستدلال والاستدراك، ورغم ذلك لم تخل أحكام الرجل من سجالات ونقاش وردود مع بعض علماء عصره وجهابذة دهره، وقد أثمرت تلك النقاشات ثراء فقهيا ومراسا إفتائيا بالغ الأهمية، ومن القضايا التي ثار فيها النقاش حول بعض فتاوى وآراء الشيخ محنض باب قضية   "مرجع الحبس، وما يعرف بالنازلة التندغية، والنازلة الغلامية، وغيرها من القضايا التي أسالت مدادا علميا شارك فيه أجلاء مثل المرابط محمذن فال ولد متالي وباب ولد أحمد بيبه، وحرمة بن عبد الجليل العلويان وادييج الكمليلي، ولولي اليعقوبي التندغي.

وإلى جانب القضاء كان الشيخ محنض باب قائدا مجتمعيا ومصلحا عاما، حريصا على عمارة الأرض وزرعها، وقيل إنه أشرف على حفر أكثر من 30 بئرا في منطقة أكيدي، ليجمع بذلك سقي الأكباد الحراء نميرا عذبا من الماء الزلال والعلم الفياض.

وقد سار الشيخ محنض باب بن أعبيد على هذه الطريق محافظا على يوميات عالم زاهد، ومؤلف نقاد، وشاعر مبدع، وولي صالح ، وقاض عادل وقائد أمة وضمير هوية إسلامية ضاربة الجذور في أعماق البلاد والعباد، إلى أن لبى نداء الغيب، وطوى الزمان شمس المعارف ونور الدين، فانتقل إلى جنة ورضوان وضريح مزور ومقام مشهود في آمنيكير عن 92 سنة من العلم والبذل والإصلاح والإرشاد وذلك في سنة 1277، مع صديقه الأمير محمد الحبيب بن أعمر فقد توفيا في شهر واحد حيث ارخ لوفاتهما الشيخ محمذفال بن متالي، بقطعة شعرية مشهورة، مطلعها:

فلله شهر عب بدءا ومختما   عباب المشاكي والثقاف لمعتل

محك نضار الصيرفي وبابه      ورض الأماني الحبيب المؤمل.

وللعلم فلمرابط محمذفال بن متالي، من أكثر الناس إعجابا بالشيخ محنض بابه.

محظرة آل محنض باب ..أجيال الموسوعية والصلاح

أخذ الراية من بعد الشيخ محنض باب أبناؤه وأحفاده، فرفعوا المعالم التي أسسها جدهم العالم ، وحفظوا تراثه، ونشروا معارف المحظرة الموريتانية في أنحاء البلاد، وتتلمذ لهم أجلاء العلماء، وقد خلف الشيخ محنض باب خمسة أبناء كانوا علماء وقضاة ومدرسين وهم:

القاضي محمذن بن محنض باب: وهو عالم جليل وقاض مؤلف، ومقرئ كانت له اليد الطولى في معارف القرآن والتفسير، وكان صارما في القضاء والإفتاء، وقد توفي سنة 1318 هجرية، وخلفه في محظرته وقيادته أبناؤه العلماء، حامد بن محمذن وقد كان عالما صالحا جليلا مهيبا منفقا مدرسا، درس عليه علماء أجلاء ممثل الشيخين الصديقين محمد عالي بن عدود، ومحمد يحيى ولد أبوه الموسوي،
إلى جانبه أخيه بارك الله بن محمذن،  الذي عرف بالقيادة والسيادة والإمامة والإفتاء، وقد خلف أيضا أبناء علماءهم أحمدو وأحمد سالم ومحنض، ولهم آثار علمية متعددة تأليفا وتدريسا.

وقد رثى  المختار بن حامد  العالم أحمدسالم بن بارك الله بقوله: 

ونعرف منه بارك الله قائما  إذا صات في محرابه وهو قائم

كما منه في الترتيل يعرف نافع وورش وقالون وحفص وعاصم

كما منه معروف عن اللغو معرض  ووسنان عما ليس يعنيه نائم

فما ثلم الأعراض في مجلس له ولا عنده يوما أذيعت نمائم 

على أنه في الحلم قيس ابن عاصم كما أنه للضيف معن وحاتم 

وقد توفي حامدن بن محمذن عام 1363هـ، عن 88 سنة، وترك ابنيه: المختار بن حامدن ومحمذن الملقب امين بن حامدن، وهما علمان عالمان مدرسان، وإن هذان لشاعران سار شعرها مسار المثل، وخصوصا  الأديب الكبير المختار بن حامد، ( ابن خلدون الموريتاني).

2- أحمد بن محنض باب بن اعبيد: كان عالما جليلا وإماما مقرئا متقنا، ابنه عبد الرحمن العالم الورع المدرس، عرف بلقب " كابوس لمرابط" حيث كان يرجع إليه عمه القاضي محمذن في بعض المسائل وهو يافع،  و لم يعقب عبد الرحمن.

3- حامد بن محنض باب: وقد كان ذا مكانة عالية في العلم والإفتاء والإقراء، وقد أوصى والده محنض باب أن يتولى الصلاة عليه بعد موته، وقد خلفه أيضا ابناه القارئان العالمان محمدا وأحمدو، وكان محمدا بشكل خاص عالما نحويا متبحرا انجب ابنه العلامة الجليل والشاعر المفلق أحمد بن محمدا الذي أخذت المحظرة شأوا بعيدا في عهده، فانهال عليها التلاميذ من كل حدب وصوب، ودرس عليه أجلاء وأجيال متعددة من الشيوخ والفتيان،  حتى وفاته في العام 1992، وكان يمثل جده محنض باب سمتا وموسوعية ونباهة.

وله مؤلفات مهمة منها " طيب العقار فيما انفرد به كل قارئ من العشرة"

4- محمودا بن محنض بابه: كان قاضيا عالما مبرزا اهتم بميسر والده، وكان من مؤسسي الفقهي المذهبي المقارن، حيث افرد كتابا للمسائل التي أوردتها حاشية الرهوني  ولم ترد في شرح  والده لمختصر خليل المعروف بالميسر، وقد ترك محمودا أبناء علماء مدرسين منهم العلامة الجليل المدرس المؤلف باب بن محمودا الذي تميز في الفقه وعلوم الآلة" المنطق والبيان" فكان محط رحال الطلبة، ومن أهم مؤلفاته نظم قانص  الفوائد في شوارد الفقه، بلغ تسعة آلاف بيت، ونظم في علماء المذهب المالكي تم تحقيقه من طرف الباحثة أخت البنين بنت الكرار.، كان باب بن محمودا أديبا وشاعرا مفلقا،  وقد ذكره الشيخ محمديحي بن ابوه في رحلته المشهورة، مشيرا إلى سجال شعري جمعهما، كانت وفاته في العام 1362هجرية،  وقد رثى نفسه بأبيات قبيل وفاته

5-عبد الله بن محنض باب: كان شاعرا كبيرا و عالما جليلا، لكنه لم يعقب، توفي في مدينة اندر أواخر القرت 13 هجري وبها دفن.

ومنذ وفاة  العالم أحمد بن محمدا 1992  اصبح القاضي عبد الله بن امين  بن حامدن- اصاحب الأنظام والمؤلفات النفيسة-  شيخ  المحظرة  الرسمي في آ منيكير. وإليه تشد الرحال في طلب العلم.

ومن احفاد محنض باب بن اعبيد،  اليوم العالم الرباني الجليل  متعدد المواهب المؤلف  الطبيب.. المعروف محنض باب بن أمين، نادرة زماننا زهدا وورعا.

ومن أعلام الأسرة المعاصرين: الأستاذ والأديب  الكبير المختار بن محمدا،  له مؤلفات وانظام  في فنون مختلفة،  والقاضي الأديب محمدن بن باركل بن محمذن بن محنض بابه، إضافة إلى عدد كبير من الأساتذة والأدباء والأئمة والمدرسين الشباب.

 

مكتبات تزخر بالمخطوطات النفيسة

بالإضافة لمكتبة القاضي عبد الله بن امين في آمنيكير  توجد في نواكشوط مكتبات زاخرة لأفراد من أسرة أهل محنض بابه،  مثل مكتبة الأستاذ المرحوم  أحمد بن باب بن محمودا في مقاطعة تيارت المتوفي في العام 2004، مكتبة المرحوم السفير محمدن بن المختار بن حامدن المتوفى 1988، في مقاطعة توجنين، ومكتبة الأستاذ المرحوم ابات بن أحمدو بن حامد بن محنض بابه المتوفى سنة 1998.

تضم هذه المكتبات بين جدرانها مخطوطات نفيسة  ومؤلفات لمحنض بابه وأبنائه.

ولأصحاب هذه المكتبات أيادي بيضاء على البحث العلمي وأهله حتى اليوم، وقد ربط أصحابها الصلة بكثير من العلماء والباحثين والمراكز العلمية.

وتعمل  منسقية محنض باب على إحياء التراث العلمي لهذه الحضرة المباركة، بمد جسور الوصال بين الأجيال والمجتمعات والمراجع العلمية التي نهلت من معين الشيخ محنض باب أو ربطتها صلات روحية أو علمية معه داخل الوطن وخارجه، إحياء لعهد من العلم لا يندثر واقتباسا من إشعاع شمس علمية أطلت على القطر الشنقيطي منذ قرابة 3 قرون ولم تزدها الأيام إلا توهجا وضياء وإفادة.

المصدر: موقع الفكر

31 July 2022