عبدي ولد حرمه... حين تنتصر العدالة والقضاء على الغوغاء

قال تعالى "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا" سورة الإسراء، الآية 81.

لم يكن التقرير الأخير الصادر عن محكمة الحسابات حدثًا عابرًا في المشهد الموريتاني، بل أثار نقاشًا واسعًا حول الشفافية والعدالة ومحاربة الفساد. بسبب إدراج اسم الوزير السابق والفقيه الاداري المخضرم "عبدي ولد حرمه" خطأ أو عمدا في هذا التقرير مما طعن في نزاهة التقرير، لتنهال التدوينات والمقالات من الغوغاء لحاول تشويه الرجل وتلطخ سمعته من شبهة هو منها بريء براءة الذئب من دم يوسف، بعد عقود من الخدمة العمومية المشرفة، مما أثار استغراب كل من يعرف عبدي و سيرته المهنية النظيفة.

الآن وقد ظهرت الحقيقة التى أكدناها في أول يوم صدر فيه التقرير و التي أغفلها البعض عمدا او جهلا ها هي النيابة العامة ممثلة في وكيل الجمهورية وبعد دراسة الملف بدقة، خلصت إلى عدم وجود أي دليل على ارتكاب اي مخالفة مالية أو إدارية، لتقرر حفظ الملف دون إحالة إلى القضاء. وبالمعنى القانوني لمن لا ثقافة له في القانون ، لم يكن هناك اتهام ، يستدعي المحاكمة، لأن الحق بان من أول نظرة في أوراق التحقيق.

قال تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"سورة الأنبياء. صدق الله العظيم.

لأولئك الغوغاء الذين حاولوا ادراح اسم معالي الوزير "عبدي ولد حرمه" اعلموا أن عبدي لم يكن يومًا من رجال الشعارات ولا شراء الولاءات وتلميع الذات، بل من رجال الميدان والقناعات، ممن تربوا و آمنوا أن النزاهة لا تحتاج إلى ضجيج، وأن خدمة الدولة واجبٌ لا وسيلة لمجد شخصي.

الوزير عبدي شهد له شركاء التنمية الأجانب قبل أبناء وطنه، حين رفضت الجهات المانحة أكثر من مرة استبداله كمنسقًا لمشروعاتها، معتبرةً أن استمراره ضمانٌ للشفافية والانضباط المالي. تلك شهادة دولية نادرة، لا تُشترى ولا تُصاغ في بيانات، بل تُكتسب بالثقة والعمل.

قال الشاعر: ومن نَزَتِ النفوسُ على الدنايا سما قدرُ الكريمِ على العتابِ. بعد تقاعده، اختار الرجل أن يُدلي بشهادته للتاريخ، فكتب بصدقٍ وتجرد عن واقع الإدارة الموريتانية، ففضح الفساد ولم يُهادن أحدًا. ولعل جرأته تلك هي التي جعلت البعض يرى في اسمه فرصة لتصفية الحسابات أو لإعادة تدوير التهم. لكن الحقيقة – كما قال وكيل الجمهورية – بيّنة كالشمس، والعدالة لا تُضل طريقها حين تكون الأوراق نزيهة والضمائر حية.

قال الحكيم: “إذا برّأك الله، فلا يضرك أن يتّهمك الناس.” ورغم أن النيابة العامة أعلنت براءته التامة وأغلقت الملف بصفة نهائية، فإن ما لحق بالسيد عبدي ولد حرمه من أذى معنوي وتشويه إعلامي مقصود يستدعي إعادة الاعتبار له رسميًا ومعنويًا، تقديرًا لمسيرته الطويلة في خدمة الوطن، وإنصافًا لرجلٍ لم يدافع عن نفسه إلا بالحق والعمل النزيه. فالقضاء قال كلمته، لكن العدالة المجتمعية ما زالت مطالَبة بأن تُصحح الانطباع وترد الاعتبار وتلجم الغوغاء.

فمن العدل أن يُكرَّم من ثبتت نزاهته كما يُحاسَب من ثبت تقصيره، لأن هيبة الدولة لا تقوم فقط على العقاب، بل أيضًا على التكريم والإنصاف. “العدالة لا تكتمل بالحكم، بل بالاعتراف.” إن محاربة الفساد لا تكون بالتشهير بالأبرياء، ولا بتشويه الشرفاء الذين قضوا أعمارهم في خدمة وطنهم، بل بإقامة العدل على الجميع دون تمييز. فالانتقائية في العدالة فسادٌ بحد ذاته، أما النزاهة فهي ميراثٌ لا يزول بالتقاعد، ولا تشوبه شائعة وشائبة عابرة.

وفي النهاية، تبقى براءة عبدي ولد حرمه علامة مضيئة في زمن الالتباس، ودليلًا على أن الحق لا يضيع ما دام هناك من يقول: هذا حقٌّ وهذا باطل. "إن الله يدافع عن الذين آمنوا" سورة الحج، الآية 38.

ولله الأمر من قبل ومن بعد .

3 November 2025