العدالة لا تتجزأ

لا شك أن من شملتهم تقارير محكمة الحسابات تعرضوا لحملة واسعة من التشهير وتشويه السمعة، وهو أمر يفرض علينا التوقف والتأمل في بعض الجوانب الجوهرية المرتبطة بهذا الموضوع الحساس.

أولًا، العدالة لا تتجزأ، فهي مبدأ مطلق لا يقبل الانتقائية أو التوجيه. وإذا كانت محاربة الفساد هدفًا وطنيًا ساميًا، فإن تحقيقه يتطلب أن تشمل العدالة الجميع دون استثناء، لأن الاقتصار على فئة محددة يُفقد الثقة في نزاهة العملية برمتها.

ثانيًا، من الملاحظ أن التقرير الأخير تناول جزءًا محدودًا جدًا من قطاعات الدولة ومؤسساتها، واقتصر على فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز سنتين، وهو ما يجعل الصورة غير مكتملة ولا تعكس بالضرورة الواقع العام لتسيير الشأن العمومي في البلاد.

ثالثًا، وانطلاقًا من قاعدة العدالة والمساواة، ومن المبدأ المعروف “البلاء إذا عمّ خفّ”، أرى أن الإنصاف الحقيقي يقتضي توسيع نطاق التفتيش والمراجعة ليشمل جميع القطاعات الحكومية دون استثناء، وأن يكون ذلك عن كامل سنوات حكم فخامة الرئيس على الأقل.

فحينها فقط تتجسد العدالة في معناها الكامل، ويتحقق المبدأ القرآني والشرعي الذي يلخصه المثل القائل:

“من قتلته الشريعة فلا أحياه الله.”

إن العدالة الشاملة هي السبيل الوحيد لترسيخ الثقة في مؤسسات الدولة، وضمان أن تكون محاربة الفساد مشروعًا وطنيًا جامعًا لا أداةً للانتقاء أو التشهير.

اندحمودي خطاري؛

ناشط سياسي/ عضو المكتب التنفيذي لشباب حزب الإنصاف

22 October 2025