استحقاق المرحلة.. بين تغييب الرجال وتمييع المؤسسات

للأسف الشديد، منذ اليوم الذي غادرت فيه بلادنا الشخصيات الوطنية الراسخة أمثال المرحوم محمد المصطفى ولد بدر الدين و المرحوم محمد يحظيه ولد ابريدالليل، دخلت الحياة السياسية في منعطف خطير.

لم يعد الأمر مجرد رحيل رجال، بل كان بداية لتمييع حقيقي للمعارضة والأغلبية على حد سواء، وانقرضت تدريجياً فئة الرجال الوطنيين أصحاب المبادئ، الذين كانوا يربون الأجيال على قيم النزاهة والاقتناع والبعد عن المال العام.

وتوالت الضربات للمؤسسات الوطنية، ففي عهد النظام السابق الرئيس السابق محمد عبد العزيز ، تم تمييع الإعلام بتحويله إلى ساحة للمهرجين بقيادة بعض الساسة، ففقد مصداقيته ودوره التنويري. ثم جاء الضرب للمجتمع نفسه عبر الترويج لنماذج هدامة ومفسدة للأخلاق، كان لها الدور الأكبر في تدمير النسيج الاجتماعي.

أما اليوم، فقد لجأ بعض السياسيين إلى تهميش الإعلاميين الجادين والتحول إلى المدونين، في محاولة واضحة لـتمييع السياسة والإعلام معاً، وإفراغهما من مضمونهما الحقيقي. وقد شهدنا محاولات لذلك في ولاية النظام الحالي الأولى، مما أدى إلى عزوف بعض النخب عن السياسة وعدم اكتراثهم بها.

إن الاستحقاق الحقيقي الآن يقع على عاتق السيد الرئيس صاحب الفخامة محمد الشيخ الغزواني ، ويتمثل في:

· مراجعة تأسيس البلد والبحث عن النخب السياسية الجادة المستعدة لحمل الهم العام بصدق وإخلاص.

· العمل على تسوية الصعوبات التي يعاني منها الشباب والخيرون من أبناء البلد العفيفين، فهم عماد المستقبل وسواعد البناء.

· مواجهة حقيقة أن لكل نظام رجاله، ولكن بعض رجال هذا النظام تنكروا له ولمبادئه، ولم يقدروا تضحيات المناضلين المدافعين عنه، مما سبب إحباطاً كبيراً.

إن ما يثير القلق حقاً هو أن نرى رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني يوجه أوامره لحكومة لتسوية أوضاع "أنصاف الرجال"، أو أن يكلّف رجل أعمال بمهمة حل مشاكل بعض الأطراف. فيقوم هذا الرجل بتضليل الرئيس بالادعاء بأنه قد أنجز كل شيء، بينما يكون في الواقع قد أغلق كل الطرق أمام المعنيين خوفاً من أن يكتشف الرئيس حقيقة تقصير ذلك رجل الأعمال أو مغالطته لصاحب الفخامة .

ختاماً، إن الخروج من هذه الأزقة لن يكون إلا بالعودة إلى الجوهر: الرجال الأكفاء، النزيهون، الذين يحملون هم الوطن ولا يحملهم همّ المنصب.

بتاريخ : 05/09/2025

عالي اماهن / المحقق الإعلامية

ر.م / الحقيقة فقط

6 September 2025