الوزير السابق والمهندس أحمد سالم ولد عبد الرؤوف يكتب: حول ظاهرة طمي آفطوط الساحلي

*كتب الوزير السابق و المهندس أحمد سالم ولد عبد الرؤوف*:

*حول ظاهرة طمي آفطوط الساحلي*

▪︎وذلك بوصفه أول مدير تشغيل لهذا المشروع،

يقول:

▪︎تابعت باهتمام ما كتب عن الموضوع و خاصة المقالان الممتازان لكل من صاحب المعالي عبد القادر ولد محمد و المهندس ديدى ولد محمدو.

و تعين علي أن أساهم بمعلومات قد تزيد فى فهم الظاهرة، بصفتى أول مدير تشغيل للمنشأة عند استلامها من طرف SNDE فى يناير 2012.

لقد تعاقب على إدارة مشروع مركب آفطوط الساحلي (Mega Projet du Complexe Aftout Essahli) كوكبة من خيرة أطر البلد كفاءة و خبرة و نزاهة،اذكر على سبيل المثال لا الحصر المرحوم المهندس الدكتور احمدو ولد الشيخ ولد سيدي الذى يرجع له الفضل فى اختيار رؤساء القطاعات الثلاثة: (قطاع الالكترو

مكانيك -قطاع الهدروليك -

و قطاع الهندسة المدنية) الذين كانوا بمثابة القاعدة الصلبة التى اعتمد عليها المهندس الألمعي سيدى ولد بيها فى تحقيق بناء المركب طبقا للمعايير العالمية

و تمشياً مع دفاتر الالتزامات. و هو لعمرى إنجاز كبير

و صعب : كبير من حيث الكلفة و ضخامة المنشآت ،

و صعب من حيث عدد الممولين

و عدد و تنوع الشركات المشاركة فى إنجازه.

▪︎لا يسعنى و أنا فى هذه المرحلة الا أن أشيد بالدور الذى لعبته لجنة صفقات آفطوط الساحلي التى كان يرأسها المرحوم المصطفى ولد محمدو مع معاونين أكفاء مثل المهندس الهادى ولد حامد....

▪︎وكل ما سبق هو توطئة للقول بأن المشروع أنجز على أكمل وجه و بدون تهاون من أي نوع كان.أما ما يخص صلب الموضوع فظاهرة العكارة او كما يقول البعض الطمي (Turbidité) ناتجة عن السيول التى تأتى مع الأمطار الأولى لفصل الخريف، الجارفة لأذرع النهر التى تجف فى فصل الصيف. و كلما كانت هذه الأمطار غزيرة كان الجرف أقوى مما يؤدى الى ارتفاع وحدات الطمي(NTU).

و لعل الارتفاعات القويةفى السنوات

الأخيرة عائدة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري التى تؤدى من بين ما تؤدى إليه الى هطول أمطار غزيرة غير معهودة من قبل.

وعادة تأتى هذا الظاهرة نهاية شهر يوليو و تستمر إلى وسط اغسطس ثم تبدأ فى الانخفاض جراء الترسب الطبيعي في النهر (Décantation naturelle).

▪︎كنت قد التحقت بمركب آفطوط الساحلي فى يوليو 2010 مع مجموعة من المهندسين و التقنيين المشغلين في SNDE و أنا ساعتها أرأس قطاع الإنتاج بالشركة، وهوالمنصب الذى تخليت عنه كي أساهم فى رفع التحدى المتمثل وقتها فى تحقيق متابعة الإنتاج بسلاسة من المشغلين الأجانب خلال السنة التعاقدية للتسليم. و هو ما تم على أكمل وجه بفضل الله أولا و بفضل جدية و مثابرة مهندسين و تقنيين موريتانيين اختيروا من الشركة و اكتتب البعض من من كانوا مع الشركات المشرفة على إنجاز المشروع.

▪︎بدأ أول وصول الماء إلى انواكشوط يوم 12/10/2010، اذاً بعد فترة الطمي فى تلك السنة و لم تشهد سنة 2011 على ما اعتقد ارتفاعاً كبيراً عن المستويات التى صمم على أساسها المركب

و هي:

NTU 900 mg/l 700 (Turbidité et MES)

إلا أننا شهدنا فى 2012 ارتفاعاً فاق اكثر من الضعف للطمي و المواد العالقة، و قد خلصنا كمشغلين إلى سياسة تخفيض كمية الضخ إلى 60000m3/j،

و هو ما سبب نقصاً حاداً للمياه فى انواكشوط التى تحتاج وقتها الى 110000m3/j، ومرد ذلك أساسا إلى ان الشركة أهملت صيانة آبار حقل Idini عند بدء ضخ مياه آفطوط.

والإهمال هنا قد لا يكون متعمدا بقدر ما هو سلوك اظنه فينا نحن الموريتانيين، ربما يرجع إلى ان ثقافة الصيانة ليست عندنا و دليلى على ذلك هو أننا نريد دائما ش

*ما يرتجعلو*، هذا من جهة و من الجهة الأخرى ان الصيانة مكلفة و عادة المسيرين خاصة عندما لا تكون خلفيتهم فنية لا يرون لها أهمية، خاصة الصيانة الوقائية.

و هنا لابد من أن أشيد بالمدير العام المهندس الذكي و المسير الفذ محمد ولد بياه، كاستثناء، حيث تمكن مع إدارة المشروع من عقد صفقات صيانة وقائية مباشرة مع شركات KSB و SIEMENs و CGC بمبالغ شبه مجانية مما كان له بالغ الأهمية فى استمرارية و إطالة عمر التجهيزات من مضخات و مغيرات سرعة (Variateurs de vitesse MT)

و انابيب.

لقد استدعينا من قبل وزير المياه حينها المهندس و رئيس الوزراء السابق السيد محمد سالم ولد بشير، لتبرير النقص الحاصل بل و عطش المدينة الذى لم يكن مستساغا لقربنا من بداية الاستغلال. و دافعنا بالقول إنه لو كان الأجانب مازالوا هم المشغلين لأوقفوا الإنتاج خشية على المنشأة، إلا أننا نحن حرصاً منا على اهلنا و تفادياً لأزمة أشنع خفضنا الإنتاج مستندين فى ذلك على أن القيمتان الأساسيتان اللتان اعتمدتا فى التصميم (Turbidité & MES) كانتا خاصتين بالإنتاج الأقصى الممكن للمنشأة الذى هو 150000m3/j.

و انه كان على الشركة SNDE أن تحافظ على إنتاج حقل Idini الذى كان يصل إلى 63000m3/j (عندما غادرته كرئيس قطاع الإنتاج فى يوليو 2010)، طبعاً لما يتمتع به من خبرة فى التشغيل و كفاءة و *افصالة ليدين*، شكرنا و تمنى لنا انخفاضا سريعا للطمي، ثم أعطى تعليماته إلى الشركة بإعادة تأهيل حقل Idini و المحافظة على جهوزيته دائما، بالصيانة اللازمة.

قد يقول قائل لماذا لم يتم بناء المنشأة الحالية (Débourbeur) من بداية المشروع و التى من شأنها ان تخفض عكارة المياه الخام لتصل الى حدود معالجة المنشأة القديمة ؟ - - سؤال وجيه إلا ان هذه المستويات لم يكن لأحد ان يتوقعها مسبقاً، لأن مردها على الأغلب ظاهرة التغير المناخي، كما اسلفنا القول.

▪︎سمعت سؤالا وجيها يقول لماذا هذه الظاهرة ليست عند السنغال ؟ و هو سؤال وجيه و ذكي أيضا إلا أن للسنغاليين بحيرة تجذب منها المياه الخام، و يمكن فصلها عن النهر إبان ارتفاع الطمي، و هو ما لم يكن متاحا و لم يزل بالنسبة لآفطوط الساحلي، نظراً لعوامل فنية.

و فى الأخير أود أن أقول، و هو بالطبع ما لا يخفى على الحكومة و لا أشك فى أنها عاكفة عليه، هو ان أنواكشوط لابد له من :

⁃ تعجيل أعمال التوسع لآفطوط مما يضمن إنتهاءها فى الآجال بل قبلها اذا أمكن،

⁃ جاهزية آبار حقل Idini فى جميع الفترات (مهما كانت الكلفة باهظة)،

⁃ و إنشاء مصنع كبير لتحلية مياه البحر (خاصة مع وجود الطاقة النظيفة من الغاز الطبيعي). ؛؛؛؛؛؛؛

13 August 2025