الشرق الموريتاني .. العبودية الحقيقية

وُلدت موريتانيا الجمهورية عام 1960 ،وبلغت اليوم سن التقاعد للموظفين (65سنة ) ،ومازالت ولايات الشرق (أكثر من 50‎%‎ من الشعب الموريتاني ) تزخر تحت وطأة التهميش  .

كل من ينتمي لللشرق قُدّر له أن يُقيّد بسلاسل التخلّف الممنهج وعبودية الفقر ،رغم الكثافة السكانية العالية والثروة الحيوانية الهائلة وآلاف الأطر والضباط والحرفيين ، "الشرق اتركوه تابعاً " يسلم لكم وجه موريتانيا ،هكذا أوصاهم الشيطان .

تعاقبت جهات موريتانيا الأربع على دفة الرئاسة ،وما من رئيس إلا و شيّدت حاضنته الاجتماعية والجهوية دولة مال من امتيازات القصر الرمادي ،بدءً من أب الأمة المختار داداه الى ولد عبد العزيز مرورا بهيدالة ومعاوية واعل .

و تتدرَّج تلك الامتيازات الرئاسية من المحتشمة إلى السافرة
الفاضحة ،مصحوبة بمركزية شديدة يُغمس فيها سلوك الإدارة فترتها ،و تكتسب النخبة الجمهورية ، مهارات النفاذ إلى ثقافة صاحب القصر حتى لاتكون النخبة الإدارية نشازا في المقام العالي (بالرئيس).

خَلّف ولد داداه أرض نواكشوط ملكا لأسرته وقبيلته (مازال رجال من أولاد ابييري يبيعون الى اليوم بقع ارضية في مركز نواكشوط من زمن رئاسة المختار ) وجهته (ولد بونا مختار صاحب صفقة عتاد الجيش "الفاسد "،حسب شهادة ولد لكحل ،بلغت الصفقة أيام حرب الصحراء 700 مليون دولار ،)،هذا مع امتياز في التعيينات كان نصيب أسرة داداه منها وزراء وسفراء ومحافظ البنك المركزي .
هيدالة كل قبيلته في مورتانيا 3 أسر فقط ،تربع اثنان منهم (حميّ الطنجي على مملكة من العقارات )و (احميده بشراي على أسطول بحري زاد عن 100 سفينة ).

الرئيس مصطفى محمد السالك لم يُخلّف رجل أعمال واحد في قبيلته ولا في جيهته.
الرئيس محمد محمود ولد لولي ،شهد له الجميع بالزهد .
وكذلك رئيس الوزراء النافذ ولد بوسيف الذي توفى في ظروف غامضة وترك أسرته بلا مُعيل وأهله في كنْدْرَه.

ولد الطايع نقل موريتانيا إلى جيوب رجال أعمالٍ من أهله بامتياز خصخصة البنوك العامة   وشرائك التأمين ورخص الصيد والعقارات وبيعها لهم بسعر رمزي وحتى الرمزي هذا لم يعرف طريقه الى الخزينة العام للدولة (  BNM + باميس + بنك بونا مختار + موريتل +سيتي سمار .. تقدر قيمة مجموعه اليوم 5 مليارات دولار ).
و الصفقات العمومية في البلد لمدة 21 سنة كانت من نصيب الجماعة وتحوّلت النخبة الإدارية في زمنه إلى رعاة مصالحهم رغما عنها .

اعل ولد محمد فال شارك بنجاح وفي فترة وجيزة بخلق ثروة معتبرة ورجال أعمال مازالو في المشهد الاقتصادي والمالي حتى اليوم (صفقة شنقيتل ورباط البحر مثلا).
ولد عبد العزيز وسّع ما بدأه ابن أبيه وزاد رقعة رجال الأعمال من الشمال الموريتاني الذي بدأها هيدالة وكرّسها معاوية وأضاف لها اعلِ  ،فجاء على الأخضر واليابس وشيّد فيلق من رجال أعمال المال العام يسبح أعضاءه في رأس مال تجاوز المعقول وبعناصر أكثر من 600 رجل أعمال و رخص 5 بنوك جديدة لقبيلة لاتزيد عن 4000 أسرة ورئيسين سابقين.

رجل أعمال واحد من أهل الشرق ظهر خجلا في زمن ولد عبد العزيز الأول ونجا بأعجوبة لينتهي اليوم إلى 
رئاسة أرباب العمل الموريتانيين.

جميع أسر رؤساء و ورؤساء وزراء الشرق و وزرائه اليوم من مصرفي الزكاة من دون مبالغة ،لايملكون حتى رأيهم ،فأي عبودية أسوأ من عبودية الشرق هذا ؟.
هذا الوضع المجحف الذي خلّف رافعة اقتصادية واجتماعية عريضة من هذا الوطن المنكوب عُطّلت ، وأصبح الشرق نكتة في أوساط النهب هذه ،رمز للتخلف والجهل ،ينظر اليه بارونات المال العام ،محدثي النّعم نظرة تعالي ،ولا يذكرونه إلا يوم الحشد أو يوم التندر ،أي عبودية هذه ؟

جميع إمبراطوريات المال التي شيدتها الجماعات بالامتيازات الرئاسية في زمن رؤسائها كان الشرق شاهدا  عليها ، شهدت أطره على  الانتقال السريع للثروة و كانوا نشطاء في كل مفصل إداري نُهب ماله وكان الشرق يرضى دائما بالسلامة ،فأبشر بطول السلامة يا مربعُ.

الدكتور زياد

23 April 2025