السيدة الأولى: تفاعلا مع ألم العائلات الموريتانية تولدت لدينا فكرة إنشاء مركز لرعاية أطفال التوحد
قالت السيدة الأولى مريم فاضل الداه، إنه تفاعلا مع ألم العائلات الموريتانية، ورفضا لهذا الواقع المؤلم، تولدت لديهم فكرة إنشاء مركز موريتاني لرعاية أطفال التوحد، مشيرة إلى أنه بالرغم من صعوبة الظروف وتضافر العوامل غير المشجعة، من عدم وجود مراكز للتكفل بأطفال التوحد أو أية بدائل محلية للتأهيل، وانعدام الثقافة الطبية والاجتماعية المتعلقة بالموضوع، أنشأوا مركز زايد لرعاية أطفال التوحد، كأول بنية مؤسسية متخصصة في المجال.
وأوضحت السيدة الأولى خلال إشرافها اليوم الخميس بنواكشوط على تدشين مقر مركز زايد لأطفال التوحد، أن تأسيس هذه المنشأة ساهم في تعزيز ورفع الوعي بالتكفل؛ وتطورت أدواته وقدراته الاستيعابية وتعززت صلاته بشركاء عملية التكفل من أمهات وجمعيات وسلطات عمومية وطنية ودولية، وتضاعفت قدراته ثمان مرات؛ مبرزة أنه انتقل من التكفل بـ 30 طفلا عند إنشائه إلى التكفل بـ 246 طفلا في الوقت الحالي.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب السيدة الاولى:
“السيدات والسادة المدعوين،
أيها الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل ست سنوات من الآن، كان موضوع التوحد من الموضوعات التي لا يكاد يتطرق إليها الاهتمام العام في بلادنا، وكانت العائلات التي لديها أطفال يعانون من التوحد تعيش في معظمها حالة من الاستسلام الجماعي لقدرها، وتبدو كما لو كانت تحاول التعتيم على محنتها بصور من الكتمان والتجلد.
أما الحالات القليلة التي فاض بأهلها الألم وقررت تجنيد كل إمكانياتها المتواضعة لعلاج أبنائها في الخارج، فقد رجع بعضها بخيبة مريرة بعد اصطدامه بالتحديات الجمة التي تتراوح بين الكلفة الاقتصادية المعيقة لاستدامة العلاج، والتكلفة الاجتماعية المؤثرة على الاندماج في مجتمعات أخرى.
تفاعلا مع ألم هذه العائلات الموريتانية، ورفضا لهذا الواقع المؤلم، تولدت لدينا فكرة إنشاء مركز موريتاني لرعاية أطفال التوحد، ورغم صعوبة الظروف وتضافر العوامل غير المشجعة، من عدم وجود مراكز للتكفل بأطفال التوحد أو أية بدائل محلية للتأهيل، ناهيك عن انعدام الثقافة الطبية والاجتماعية المتعلقة بالموضوع، فقد أطلقنا على بركة الله واتكالا على عونه ومعيته، إنشاء مركز زايد لرعاية أطفال التوحد، يوم 21 يناير سنة 2018، كأول بنية مؤسسية متخصصة في المجال.
ومنذ التأسيس ساهم المركز في تعزيز ورفع منسوب الوعي بالتكفل؛ تطورت أدواته وقدراته الاستيعابية وتعززت صلاته بشركاء عملية التكفل من أمهات وجمعيات وسلطات عمومية وطنية ودولية، وتضاعفت قدرات المركز ثمان مرات؛ إذ انتقل من التكفل بـ 30 طفلا عند إنشائه إلى التكفل بـ 246 طفلا في الوقت الحالي.
ويجب أن نقول في هذا المقام إنه ما كان للمركز أن يحقق هذا النجاح والتطور، لولا دعم ومساندة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة التي احتضنت المركز منذ اليوم الأول لقيامه واستمرت في التكفل به.
وأنتم تشرفوننا اليوم بحضور تدشين هذا الصرح الجميل، الذي شيده أشقاؤنا الإماراتيون بأحسن المعايير العالمية ليكون مقرا مركزيا لمركز زايد لرعاية أطفال التوحد.
لقد ساهم إطلاق المركز في تسليط الضوء على ظاهرة التوحد، وعلى الإهمال الذي يعاني منه الأطفال المصابون به، وبالتالي أسهم في إطلاق حركة للعناية بأطفال التوحد تتسع يوما بعد يوم؛ فنشأت عدة مراكز وأقيمت جمعيات عديدة لأسر أطفال التوحد، وعرفت بلادنا إقامة أول بنية مؤسسية تربوية عاملة في ميدان التأهيل الاجتماعي هي المدرسة الوطنية للعمل الاجتماعي.
ولا شك أن تطور مركز زايد وانتقاله للعمل من هذا الصرح الجديد بإمكانياته البنيوية والتقنية الكبيرة، سيزيد من تأثيره وإشعاعه ليُمِدّ حركة مقاومة التوحد في موريتانيا بنفَسِ جديد يجعل بلادنا في مقدمة الدول التي تحظى بمكانة إقليمية مرموقة في معالجة هذا الاضطراب وتحسين أحوال الأطفال المصابين به.
أيتها السيدات والسادة،
تبعا لتزايد الوعي بالتكفل بأطفال التوحد، وتنامي الطلب على خدمات المركز الذي لن يكون بمقدوره تلبية جميع الاحتياجات، ومن منطلق اهتمام منظومتنا الوطنية بالبعد الاجتماعي ورؤيتها الحانية على الفئات الهشة ذوي الاحتياجات الخاصة، يسرني أن أتوجه في لحظة التدشين هذه بدعوة جميع الفاعلين عموميين وخواص وأصحاب نيات حسنة وفاعلين خيّرين، إلى المساهمة الفاعلة في إطلاق هبّة وطنية متكاملة تتضافر فيها جهود الجميع وصولا إلى الهدف الأسمى بالنسبة لنا في تأمين التكفل الدائم والشامل بجميع أطفال التوحد ببلادنا؛ حتى لا يبقى طفل بدون تكفل، وحتى لا تبقى أمّ بدون تأهيل.
يطمئنني على قابلية تحقيق هذا الهدف:
ـ الجهود التي حققناها وكشفت إمكانية تحقيق التكفل والرعاية والتأمين للأطفال
ـ يحفزني كذلك تزايد الوعي المجتمعي لدى أمهات الأطفال بواجب إيجاد حل شامل ومتكامل للتكفل بأطفالهن
ـ فضلا عن إرادة السلطات العمومية والأشقاء والشركاء في دعم هذا الهدف والمسعى النبيل.
وفقنا الله وإياكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”