الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا.. 6 مشروعات لتعويض الإمدادات الروسية.. 3 حقول كبيرة منها في موريتانيا
تبرز احتياطيات الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا، التي كانت متجاهَلة لعقود طويلة من الزمن، لأداء دور رئيس في تعويض الإمدادات الروسية، مع مساعي أوروبا لتنويع الإمدادات بعيدًا عن موسكو ردًا على غزوها لأوكرانيا.
لم تكُن مشروعات الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا، طيلة السنوات الماضية، في دائرة الاهتمام؛ نتيجة افتقار دول القارة السمراء للموارد المالية اللازمة لتطوير هذه الحقول، ولغياب احتياج الدول الكبرى التي شعرت مؤخرًا بالخطأ الجسيم الذي اقترفته حينما ركزت جل اعتمادها على الغاز الروسي الذي تحول الآن إلى وسيلة للي ذراع القارة العجوز الرافضة للغزو الأوكراني.
وتُعَد روسيا ثاني أكبر مصدر ومنتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتوفر موسكو ما يقرب من سدس إمدادات النفط والغاز العالمية، وفقًا لبيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع سعي أوروبا للتخلص من الهيمنة الروسية على قطاع الطاقة، طفت مشروعات الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا على السطح العالمي، خاصةً حقول الغاز في دول مثل السنغال وموريتانيا ونيجيريا.
ويتزايد الاهتمام العالمي بالغاز الطبيعي المسال على وجه التحديد، بسبب انخفاض انبعاثاته الكربونية بنسبة 25% مقارنة بانبعاثات مصادر الوقود الأحفوري التقليدية.
مشروعات الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا
تمتلك دول غرب أفريقيا 6 مشروعات للغاز الطبيعي المسال تُسهِم في تلبية الاحتياجات الأوروبية من الطاقة على المدى القصير، وفي تحقيق معدلات نمو مرتفعة يمكنها انتشال دول القارة السمراء من براثن الفقر المدقع على المدى الطويل.
مشروع تورتو أحميم
يستهدف مشروع تورتو أحميم -أعمق مشروع بحري في أفريقيا- 15 تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الغاز الممتدة عبر الحدود بين السنغال وموريتانيا، ومن المتوقع أن يبدأ أحد أبرز مشروعات الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا، الإنتاج -الذي تأجل لمدة عام بسبب وباء كورونا- في أواخر عام 2023.
وخطة تطوير حقل تورتو أحميم -الذي اكتُشف في يوليو/تموز 2019- تتضمن 3 مراحل؛ تهدف الأولى منها لإنتاج 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال.
وتمتلك عملاق الطاقة البريطانية "بي بي" 60% من أسهم المشروع، بينما تؤول 30% لشركة كوزموس إنرجي الأميركية، في حين تمتلك شركة النفط الوطنية السنغالية بيتروسين، وإس إم إتش بي إم الـ10% المتبقية.
وتم الانتهاء من 75% من المرحلة الأولى لمشروع تورتو أحميم للغاز الطبيعي المسال، بحسب صحيفة أوف شور إنرجي (offshore energy).
ومن المقرر أن ينتج المشروع بعد اكتمال مراحله الثلاث، نحو 10 ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال.
التنقيب عن الغاز الطبيعي المسال
وستشهد المرحلة الأولى من مشروع تورتو أحميم للغاز المسال إرسال الغاز والمكثفات من نظام إنتاج في المياه شديدة العمق إلى محطة عائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ، التي تعمل على بنائها -حاليًا- شركة "كوسكو" في الصين.
وستعالج المحطة العائمة سوائل الآبار، وسوف تصدّر الغاز عبر خط أنابيب طوله 35 كيلومترًا إلى مجمع للغاز الطبيعي قرب الشاطئ.
وتهدف المرحلة الثانية من المشروع لمضاعفة الإنتاج إلى 5 ملايين طن سنويًا.
ياكار تيرانغا
يستهدف مشروع ياكار تيرانغا إنتاج 20 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي المسال في السنغال على عمق 3 آلاف متر من المياه.
ويقع حقل الغاز في كتلة كاير بروفوند، المكتشفة في عام 2017، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج مبدئيًا في عام 2024.
وتمتلك شركة بي بي البريطانية 60% من الكتلة التي اكتُشِفَ حقل الغاز بها، ومن المقرر أن يُتَّخَذ القرار النهائي بشأن تطوير الحقل قبل نهاية عام 2022.
وسيُطَوَّر أحد أبرز مشروعات الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا، على مرحلتين؛ تهدف الأولى إلى إنتاج 15 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي لرفع معدلات توليد الكهرباء في السنغال، والتي تأمل في تحقيق الوصول الشامل للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2025.
وتهدف المرحلة الثانية إلى بناء منشآت التصدير ومحطات محلية لمعالجة البتروكيماويات، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
حقل بير الله
يحتوي حقل بير الله على 13 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي المسال على عمق 2500 متر من المياه، وفقًا لموقع إنرجي كابيتال باور (Energy capital power).
واكتُشِفَ الحقل الموريتاني باستخدام الحفارة "فالارييس دي إس-12" في عام 2019، حيث صُنِّفَ باعتباره أكبر اكتشاف للغاز في المياه العميقة خلال هذا العام.
ويُعَد حقل بير الله ثالث أكبر اكتشاف الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري في عام 2028، وأن يصل إلى ذروته في عام 2030، بإنتاج 31.642 برميلًا يوميًا من النفط الخام والمكثفات، و277 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي، و1.304 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي المسال، وفقًا لموقع أوف شور تكنولوجي (offshore technology).
وكانت شركة بي بي قد قالت، عام 2019، إنها اكتشفت مكامن غاز "عالمية" في منطقة بير الله/أوركا جنوب موريتانيا وفي ياكار-تيرانغا في السنغال.
حقل باندا
وقّعت الحكومة الموريتانية، العام الماضي، مذكرة تفاهم غير ملزمة مع شركة نيو فورتريس إنرجي الأميركية العملاقة لتطوير حقل باندا للغاز.
وبموجب مذكرة التفاهم؛ حددت وزارة النفط والمعادن والطاقة هدفًا يتمثل في تأمين إمدادات الغاز من حقل باندا بحلول عام 2024، عبر تسييل الغاز الطبيعي؛ لتلبية احتياجات السوق المحلية من الكهرباء، من خلال تزويد محطة الطاقة المزدوجة بقدرة 180 ميغاواط بالغاز وإنشاء محطة جديدة لإنتاج الكهرباء ذات دورة مركبة بقدرة 120 ميغاواط.
ويحتوي حقل باندا على نحو 1.2 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وتستهدف الشركة الأميركية إنتاج 1.4 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي.
ويقع حقل باندا للغاز في الساحل الموريتاني على بُعد نحو 60 كيلومترًا من نواكشوط، ويساعد المشروع موريتانيا على إنتاج أحد أرخص أنواع الكهرباء في القارّة، وعرضها في السوق المحلية والإقليمية.
وكان الحقل قد واجه صعوبة في إقناع المستثمرين بسبب الشروط القاسية التي تضعها موريتانيا، وهو ما دفع الحكومة إلى طرح المشروع في إطار عقد لتقاسم الإنتاج.
كارمول
أعلنت شركة غاز إنتيك أنها أول شركة عالمية تنتهي من تجهيز وحدة رائدة لتحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز، في حقل كارمور، وهو مشروع مشترك بين شركة كارباورشيب التركية وميتسوي اليابانية.
وبمجرد وصول الوحدة إلى العاصمة السنغالية داكار، ستُوَصَّل بمحطة كارباور شيب لتوليد الكهرباء بقدرة 236 ميغاواط.
وستكون هذه الخطوة أول مصدر لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي المسال في السنغال، وستُسهِم في تلبية 15% من احتياجات الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.
واستخدمت محطة الطاقة العائمة، في السابق، زيت الوقود الثقيل لتلبية الطلب على الطاقة في السنغال.
وتخطط السنغال وموريتانيا لأن تصبحا مركزًا عالميًا للهيدروكربونات، مع بدء إنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل تورتو أحميم في أواخر عام 2023.
مشروع غينيا للغاز الطبيعي المسال
يستهدف مشروع الغاز الطبيعي المسال في غينيا، الذي تبلغ تكلفته 300 مليون دولار، تطوير محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال على نطاق واسع، بدلًا من أي إنتاج خاص بها، بالإضافة إلى بناء خزانات للتخزين، ووحدات إعادة تجميع عالية السعة.
ومع ذلك، يمكن للمحطة الجديدة، التي تقع بالقرب من ميناء كامسار في منطقة بوك في غينيا، دفع الطلب الإقليمي على الغاز المسال الذي يمكن استخدامه لإمداد عمليات التعدين المحلية وغيرها من المشروعات.
وسيُخَزَّن الغاز الطبيعي المسال المستورد في خزانات تخزين، وسيُوَزَّع على المستخدمين النهائيين من خلال خط أنابيب بعد إعادة تجميع الغاز أو عبر مقطورات مبردة.
وسيعمل مشروع غينيا للغاز الطبيعي المسال على تحسين حياة ملايين الغينيين من خلال تزويد البلاد بإمدادات وفيرة من الغاز الطبيعي المسال من خلال خطة إستراتيجية شاملة.
وبلغت احتياطيات الغاز الطبيعي في أفريقيا 625 تريليون قدم مكعبة خلال عام 2021، وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن يبلغ إنتاج الغاز في أفريقيا ذروته عند 470 مليار متر مكعب بحلول أواخر عام 2030؛ أي ما يعادل 75% من الكمية المتوقعة لإمدادات روسيا هذا العام.