الجزائر: حداد وتضامن.. والدولة في حالة استنفار لتفريج المحنة!
قرر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الأربعاء، الحداد الوطني لثلاثة أيام في الجزائر، حزنا على ضحايا حرائق الغابات التي لا تزال نيرانها متواصلة، لتمتد في الساعات الأخيرة إلى ولايات جديدة، كما أسدى الرئيس تعليمات صارمة لطاقمه الحكومي للإسراع في احتواء الوضع ورفع اللبس عن حيثيات وأسباب هذه الوقائع المؤلمة، فيما خيمت أجواء الحزن على الجزائريين.
تنكس الأعلام الوطنية لمدة ثلاثة أيام، حدادا على أرواح ضحايا حرائق الغابات التي التهمت ألسنة نيرانها عدة مناطق من ولايات الوطن، وهو الحزن الوطني، الذي خيم على كافة أرجاء الجمهورية، واستدعى من الرئيس الإعلان عن حداد وطني مع تجميد كافة أنشطة الحكومة ما عدا التضامنية منها، حيث جاء في بيان صادر عن الرئاسة أنه “على إثر استشهاد عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين، جراء الحرائق التي اجتاحت بعض ولايات الوطن، قرّر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من يوم الخميس 12 أوت 2021، مع تجميد مؤقت لكل الأنشطة الحكومية والمحلية”، كما أمر رئيس الجمهورية من وزيره الأول تسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية لإخماد هذه الحرائق والإسراع في التفاوض مع دول أوروبية من أجل كراء طائرات خاصة لإطفائها .
المؤشرات الأولية تؤكد الطابع الإجرامي للحرائق
وهو ما كشف عنه الوزير الأول أيمن عبد الرحمان، مساء الثلاثاء، في تصريح صحفي، أكد من خلاله تجند الحكومة لاحتواء هذه الكارثة، التي ألمت بالجزائر، مبرزا أن المؤشرات الأولية تشير أن هذه الحرائق التي أودت بحياة أكثر 65 شخصا تحمل “طابعا إجراميا”.
وشدد في هذا الصدد أن الدولة “أن لن تتسامح مع هؤلاء المجرمين الذين ستتابعهم بقوة القانون لأنهم أعداء الطبيعة والوطن”، وذهب الوزير الأول بعيدا في ذلك بقوله “إن الحرائق كانت مدبرة ومخططا لها، والدليل أن الأماكن التي انطلقت منها الشرارة الأولى في ولاية تيزي وزو يصعب الوصول إليها”.
وقال بن عبد الرحمان رغم أن الظروف الطبيعية الصعبة ساعدت على انتشار الحرائق غير أن التحليلات الأولية على مستوى منطقة تيزي وزو بينت أن مواقع اندلاع الحرائق كانت مختارة بصفة دقيقة بطريقة تسمح بإحداث أكبر عدد من الخسائر”، خاصة أن أماكن نشوبها كانت “في تضاريس يصعب وصول النجدة والإسعافات إليها”.
وبشأن التحريات الأولية، كشف المسؤول الأول عن الحكومة أن “مصالح الأمن تمكنت من القبض على مجرمين بولاية المدية اعترف أحدهم بهذا الفعل الإجرامي”، وذلك في انتظار ما ستسفر عنه التحريات خلال الساعات المقبلة، خاصة أن عدد الضحايا مرشح للارتفاع.
وفي هذا الشأن، أعلنت وزارة الدفاع الوطني عن حصيلة أولية مساء أمس، لعدد الضحايا الذين سقطوا جراء الفعل الإجرامي الذي مس العديد من غابات الوطن، حيث كشفت وزارة الدفاع عن ارتفاع ضحايا حرائق الغابات إلى 65 ضحية، من بينهم 28 عسكريا و37 مدنيا أغلبهم بولاية تيزي وزو.
ارتفاع الضحايا.. وصلاة الغائب هذه الجمعة
وحسب بيان لوزارة الدفاع، فإنه حاليا يتواجد 12 عسكريا في حالة حرجة بالمستشفى، يأتي هذا بالتزامن مع إعلان المديرية العامة للحماية المدنية، في بيان لها أمس، عن ارتفاع عدد حرائق الغابات إلى 99 حريقا عبر 16 ولاية، وتتمثل الولايات التي اندلعت فيها هذه الحرائق في كل من تيزي وزو 25 حريقا، الطارف 14، جيجل 12، بجاية 12، سكيكدة 09، بومرداس 04، المدية 03، البليدة 03، سطيف 03، عنابة والبويرة 02 حريقان، وحريق واحد في كل من قسنطينة، قالمة، تبسة، سوق اهراس، تيبازة، وهي أرقام أولية ومرشحة في نفس الوقت للارتفاع خاصة أن الحرائق لا تزال مستمرة ومست العديد من الولايات.
وعلى إثر الفاجعة التي ألمت بالجزائر جراء الحرائق المهولة التي أدت إلى إزهاق الأرواح والأنفس وإتلاف مقدرات المواطنين، سارعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف للإعلان عن إقامة صلاة الغائب على أرواح الشهداء من المواطنين وأفراد الجيش الوطني الشعبي الذين قضوا في محنة الحرائق التي تمر بها الجزائر، حيث ستقام صلاة الغائب حسب بيان لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بعد صلاة الجمعة.
كما دعت مصالح يوسف بلمهدي الجزائريين إلى الابتهال بالصبر والسلوان وأن ينزل علينا من غيثه ورحمته ما يطفئ هذا اللهب وأن يجعله بردا وسلاما على البلاد والعباد .
قافلة تضامنية لفائدة العائلات المتضررة بولاية تيزي وزو
من جهتها، نظمت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، الثلاثاء قافلة تضامنية لفائدة العائلات المتضررة من حرائق الغابات بولاية تيزي وزو، حسبما أفادت به في بيان لها، مؤكدة أن هذه العملية ستتبعها قافلات أخرى تتضمن مختلف المواد الواسعة الاستهلاك.
وأوضحت أنه “تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية، انطلقت هاته القافلة من مقر الغرفة الوطنية للفلاحة، محملة بمواد غذائية تبرعت بها المجمعات الاقتصادية تحت وصاية القطاع وكذا المنتجون الخواص.
وتمت العملية عبر عدة شاحنات آتية من مختلف ولايات الوطن ومتجهة إلى ولاية تيزي وزو التي تضررت كثيرا من الحرائق، حسب الوزارة.
وأكد البيان أن هذه العملية ستتبعها قافلات أخرى تتضمن مختلف المواد الواسعة الاستهلاك لفائدة المواطنين المتضررين بذات الولاية.
بالمقابل، ومن أجل احتواء الأزمة، أسدى وزير السياحة والصناعة التقليدية ياسين حمادي، أمس تعليمات إلى كل من مجمع فندقة سياحة وحمامات معدنية، ومديري الولايات المعنية بالحرائق، بتسخير كل الإمكانيات المتاحة في القطاع من مؤسسات فندقية ومؤسسات التكوين.
وأكد الوزارة في بيان لها عن تسخير المؤسسات الفندقية العمومية والخاصة بالولايات المتضررة من الحرائق هدفه التكفل بالمواطنين المتضررين من هذه الكارثة قصد إيوائهم والتكفل بهم في أحسن الظروف.
يأتي هذا في وقت لا تزال فيه رسائل التعازي والمواساة تأتي للجزائر تباعا من رؤساء دول وحكومات أعلنت عن تضامنها المطلق مع الجزائر حكومة وشعبا، حيث تلقى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اتصالا من الرئيس الموريتاني عبر له عن تعازيه الخالصة لضحايا الحرائق والأمر نفسه بالنسبة للناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في شمال أفريقيا والشرق والأوسط “روزي دياز” التي أعلنت عن تضامنها مع الجزائر، في وقت سارع الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط في توجيه تعزية للرئيس أعرب من خلالها عن تضامن الجامعة العربية مع الجزائر وثقتها في قدرة القيادة الجزائرية على تجاوز هذه المحنة.